الحوثيون و”حزب الله” العناوين الأبرز في معرض بيروت

book 1كتبت غادة علي كلش:

“الحوثيون واليمن الجديد” لسعود المولى و”حزب الله والدولة” لحسن فضل الله هما الكتابان السياسيان الأكثر بروزاً خلال “معرض بيروت العربي الدولي للكتاب” في دورته الـ58 العام الماضي.

يعالج كتاب سعود المولى صعود الظاهرة الحوثية ويدرس مختلف أبعادها التاريخية والثقافية ولا يكتفي بمقاربة سياسية أو راهنية فقط، ولا يقدّم مادته كمعطيات جافة، كما لا يضعها في إطار سردية تاريخية تعاقبية. ويمكن القول أن الكاتب نجح في تجاوز الوصفية الشكلانية، ووضع نصه في إطار تحليلي متكامل يتضمن إطارًا نظريًا سوسيولوجيًا يقدم من خلاله محاولة تفسيرية استنادًا إلى تطور الدراسات في حقل سوسيولوجيا التنظيم الديني.

وقد أشار المولى في كتابه إلى أن “الشيعة في الخليج هم أولاً مواطنون في بلدانهم، لهم ما لغيرهم من مواطنيهم من حقوق، وعليهم أيضًا مثل غيرهم من مواطنيهم من واجبات ومسؤوليات. وهم ثانيًا عرب أقحاح، ليسوا بالطارئين على بلدانهم بل كانوا في أساس تكوينها وتطورها، وبالتالي فإنّ القائمين على الحراك الشيعي في بلدان الخليج والحراك الزيدي في اليمن، ينبغي أن يضعوا نصب أعينهم اندماج الشيعة العرب في أوطانهم والمساواة في المواطنية لكل بلدان العرب”.  وقد وضعنا سعود في كتابه عند الكيفية التي تطورت فيها الحوثية تاريخيا وفكريا إلى أن أصبحت حالة سياسية وظاهرة حزبية عسكرية “تتمثل بالحوثية السياسية الساعية للهيمنة وليس للمشاركة”.

الكاتب إلى جانب كتابه هذا، ترجم كتاب لورنس لويير”السياسة الشيعية العابرة للأوطان،الشبكات الدينية والسياسية في الخليج”، الذي صدر حديثًا عن الدار عينها – أي “دار سائر المشرق” – وهو يتناول تطور الحركات الإسلامية الشيعية في ثلاث دول خليجية لعبت فيها السياسات الشيعية دورًا مركزيًا مهمًا، وهي البحرين والسعودية والكويت، وقد نال هذا الكتاب المترجم إهتمامًا مماثلا من قبل أهل الفكر والسياسة في لبنان،حيث يوضح هذا الكتاب كيف نبعت هذه الحركات في الأساس من منظمات عراقية، وكيف أنّ بعضها كان ولا يزال يرتبط مباشرة بمرجعيات دينية مقيمة في العراق أو إيران.

من هنا فقد طرح هذان الكتابان بعداً تفسيريا وتصورًا متماشيًا مع الأزمات التي شهدها ويشهدها الوطن العربي منذ أربعة أعوام، فهل هذه الحركات وفق تساؤلات المفكرين السياسيين “كلها وطنية أم يحمل البعض منها في طياته أبعادا مذهبية في إطار مخطط دولي استراتيجي لرسم خريطة توزيع نفوذ جديدة؟”. وقد اعتبر الباحثون ما جاء في كتاب لورنس إضافة نوعية للكتابات حول الحراك السياسي الشيعي في الخليج العربي، خاصة وأن مؤلفة الكتاب أنجزته وجمعت غالب مواده ميدانيا ومن خلال مقابلات مع ناشطين ميدانيين “لذلك هو يعكس وقائع مستقاة من الميدان وهذه أهم نقاط القوة فيه”.

أمّا كتاب النائب حسن فضل الله  “حزب الله والدولة” فقد برز في المعرض وأثار الإهتمام، خصوصًا أنّ الكاتب ضمّنه  رؤيته  في سبر أغوار علاقة “حزب الله” بالوطن والدولة من خلال الأصول التي يستقي الحزب منها رؤيته لهما. وفيها يطرح إشكاليات عدة شائكة منها: كيف يُمكن المزاوجة بين الإيمان بفكرة قيام دولة تُحكم بالشريعة الاسلامية، والإنتظام داخل مجتمع متنوّع؟ كيف يُمكن التوفيق بين الهويتين الدينية والوطنية في بلد مثل لبنان يمتاز بتنوعه الديني ويحرص على الحفاظ على هذا التنوع؟

مسائل متنوعة وأساسية أضاء عليها فضل الله في كتابه، منها اتفاق الطائف الذي بقدر ما لاقى ترحيبا وارتياحا لدى فريق من اللبنانيين، قوبل بالرفض أو بكثير من الحذر والتحفظ من قبل فريق آخر. وقد عبّر المؤلف عن بعض تحفظات “حزب الله” على وثيقة الوفاق الوطني.

وقد رأى البعض أنّ فضل الله  أضاء في كتابه على حقائق مطموسة، بالقصد والتناسي رسمياً، أبرزها أنّ صياغة الرؤية ومن ثم المسار قد تولتها قبل ظهور “حزب الله” بزمن طويل، أجيال من العلماء والفقهاء الذين حفظوا لجبل عامل أساسا ومعه بعلبك والهرمل، الهوية. وهم قد أسهموا في شق الطريق إلى الحرية بمقاومة الظلم مملوكيا وعثمانياً ثم غربيا، فرنسيّا في لبنان وسوريا، بريطانيّا في العراق وفلسطين. من هنا سعى الكاتب إلى تأكيد الإنجازات والإنتصارات التي حققها الحزب في مواجهة الإسرائيلي من جهة، ولعب دور سياسي حيوي في الحكومة والمجلس النيابي، ودور شعبوي تعبوي على صعيد جماهيريته من جهة ثانية.

One thought on “الحوثيون و”حزب الله” العناوين الأبرز في معرض بيروت

Leave a comment