عبد الرحمن سلام:
مشوارها الفني بدأته بالعمل كـ”عارضة أزياء” في العام 1993، وهي في الـ16 من عمرها. وبسبب أناقتها وجمالها، كان من البديهي أن تحقق الشهرة والنجاح في مجال عروض الازياء، قبل ان تتجه الى التمثيل، بعد أن اكتشفها الكاتب التلفزيوني اللبناني شكري انيس فاخوري الذي وضعها على أول درجات التألق والنجاح في عالم المسلسلات الدرامية، حيث قدمها لأول مرة، كممثلة، ولتتابع، في مجموعة من المسلسلات، منها “ماريانا” و”غداً يوم آخر” وسواهما، قبل أن تحصل على أول بطولة درامية في مسلسل “ابنتي” (2003) وعن دورها فيه، فازت بجائزة “الموريكس دور” كأفضل ممثلة.
ومنذ تلك الجائزة، بدأت سيرين عبد النور رحلتها مع التألق والنجاح، فخاضت أولى تجاربها في السينما، عبر فيلم “السجينة” (2007) الذي فتح لها أبواب الستوديوات على مصراعيها، وأول الغيث كان بطولتها لفيلم “رمضان مبروك ابو العلمين حمودة” امام النجم الكوميدي محمد هنيدي، ولتصبح، على أثره، الممثلة اللبنانية المطلوبة بشدة لسلسلة أفلام، ومسلسلات تلفزيونية، منها: مسلسل “الأدهم” من بطولتها مع النجم احمد عز، ثم “دخان بلا نار”، وفيلم “المسافر” الذي شاركت فيه النجم العالمي عمر الشريف دور البطولة، ومسلسلات “غريبة” و”شهرزاد” و”سارة”… وسواها.
وإلى جانب التمثيل، تميزت نجمة الحوار سيرين عبد النور في مجال الغناء، وكانت قد شقت طريقها في هذا المجال، بعد مرور عام واحد على قيامها ببطولة مسلسل “ابنتي” (2003)، حيث كان اللقاء بالموزع الموسيقي اللبناني جو باروجيان الذي اكتشف فيها قدرات غنائية ـ صوتية ـ أدائية، فقدمها الى زميله الملحن جان صليبا الذي، وبحسب صفته الانتاجية ـ الفنية في شركة “روتانا” للانتاج والتوزيع، (يومذاك) قدمها الى الشركة المذكورة التي اصدرت لها أولى ألبوماتها الغنائية “ليلة من الليالي” الذي حالفه النجاح الكبير، ما دفع بالشركة المنتجة الى استلحاقه بآخر حمل عنوان “عليك عيوني” (2006) وبثالث بعنوان “ليالي الحب” (2009).
■ نبدأ من محطة شكلت لك “علامة مضيئة” في مسيرتك الفنية ـ الانسانية… أقصد برنامج “بلا حدود” الذي يندرج تحت مسمى “تلفزيون الواقع”؟
– بحسب ما كتب ونشر، وتداولته مختلف وسائل الاعلام، وأجمع عليه الرأي العام، واستناداً الى ما تبيّن لي، خلال العمل، وبعد المشاهدة، فإن “بلا حدود” دخل الى صلب حياتي الانسانية، وسلط الأضواء على أدق تفاصيلها، كما أضاء على شخصيتي وعرّف بها، بعيداً عن “ماكياج” الأدوار وسيناريوات السينما والمسلسلات، وبالتالي، أبرز، ببساطة متناهية، الوجه الحقيقي والانساني لسيرين عبد النور… مع اصدقائها. ومع معارفها… وبمثل ما كشف عن مخاوفها، ونقاط ضعفها، وقوتها، وردات فعلها، هذا الى جانب احاسيسها: ضحكها ومرحها حيناً… غضبها وتوترها وحزنها… وتأثرها، وأحياناً دموعها… كل ذلك تم من خلال الدخول الى ادق تفاصيل حياتها اليومية، ومنها لقاءاتها وأنشطتها الاجتماعية والترفيهية والمهنية.
وتعلق سيرين عبد النور: وربما تكون النقاط الأبرز التي اضاء عليها “بلا حدود”، متابعتي لأشخاص من ذوي الأوضاع الخاصة (اجتماعياً وانسانياً)، ومن هؤلاء: المدمنين، والمتطرفين، والمشردين، والمعنفين، والمعنفات أو اللواتي تعرّضن للاغتصاب او الترهيب.
وتشرح سيرين: وأمام مشاكل كل هذه العينات البشرية، والآفات المستشرية في كثير من المواقع والبلدان، كان عليّ المبادرة في كل يوم لـ”مؤانسة حزين” او مساعدة محتاج، أو لرسم الابتسامة على وجه انسان… اي انسان يحتاج الى الابتسامة… من لبنان الى مصر، فالأردن، وصولاً الى اوروبا… فكنت “اشجّع” هنا و”أرشد” هناك، و”أقدم العون” والمساعدة لمدمنين من خلال حثهم وتشجيعهم على الدخول الى دور العلاج.
■ من خلال متابعتنا الحلقات “بلا حدود” رأينا أن دورك شمل كذلك بعض المخيمات؟
– صحيح، حيث تواجدت في مرات عدة داخل بعض مخيمات اللاجئين السوريين، في لبنان والأردن، لأقدم لهم بعض المساعدات الغذائية أو السكنية، ومنها ما يختص ببناء غرف ايواء لوالدين مع اولادهما، وفي المحصلة، نجحت في اطلاق “عريضة المليون” التي حملت مليون توقيع، من اجل حث الحكومات العربية على المباشرة فوراً بوضع القوانين والتشريعات والسياسات ضد تعنيف النساء.
■ وماذا عن حياتك كزوجة؟ وهل من دور لعبه زوجك في حياتك الفنية؟
– منذ اتخاذي لقرار العمل الفني، عاهدت نفسي على الفصل بين حياتي الزوجية وحياتي المهنية… فأنا على قناعة تامة بأنني احتاج الى قضاء حياتي مع شخص (زوج) يجردني من الشهرة والنجومية اللتين أرى فيهما مجداً باطلاً. فالمشاعر الانسانية، والمنزل الزوجي، والعائلة، أكثر أهمية، في رأيي، من أي شيء، وهي التي تدوم… وزوجي، يدعم كل المواقف التي اتخذتها، كما أتشاور معه في كل جديد.
■ حتى لو تم وضعك أمام خيار “البيت والزوج والأمومة” أو “الأضواء والشهرة والنجومية”؟
– سأختار بالتأكيد الخيار الأول، وأنا مستعدة للتخلي عن كل مكتسبات الأضواء… لا أخفي سراً ان اعلنت انني مستعدة لمثل هذا القرار… اليوم قبل غداً… ولا أبالغ ان ذكرت بأن هذه القناعة نابعة من تصالحي مع ذاتي. تماماً بمثل اقتناعي بتصالحي مع فكرة التقدم في العمر.
■ موضوع التقدم في العمر، ألا يثير “شكوكك” في المستقبل؟
– على الاطلاق. ان ما يثير “دهشتي” هو خوف بعض الاشخاص من الاعتراف بحقيقة اعمارهم، أو محاولة تجنبهم لواقع أن هذا الأمر من مسلمات سنّة الحياة، وأننا جميعنا، سنبلغ العمر المتقدم ذات يوم، بإذن الله.
■ كيف ترين سيرين عبد النور، نجمة السينما والتلفزيون، والمغنية ذات الشهرة نفسها بعد أعوام؟
– عندما أشعر أن النجومية والشهرة بدأتا بالانسحار، سأعود فوراً الى كنف عائلتي، مع زوجي وأولادي، وأتمنى أن أكون عندئذ، انسانة فعالة في المجتمع، فأنا أحب كثيراً الانتساب الى جمعيات خيرية، ولأن الحياة علمتني الكثير من الدروس، أتمنى أن يستفيد الآخرون من خبرتي… وفي حال قامت ممثلة مبتدئة بالاستفسار عن أمر معين، فسأكون مستعدة لتقديم خبرتي لها.
■ سيرين… هل ان زوجك يتفهم طبيعة عملك الفني والتي غالباً ما تكون سبباً للخلاف الشديد؟
– فريد هو حبيب قلبي، وهو يتفهم طبيعة عملي بذهن متفتح. ويتحمل عني الكثير من الأعباء العائلية كي يوفر لي الهدوء المهني. لقد اضطررت ـ على سبيل المثال ـ خلال تصويري لمسلسل “روبي”، السفر الى مصر لنحو شهر، وكنت قد أنجبت تاليا حديثاً، فكان يرسل لي “فيديو” عبر الهاتف، يتضمن التفاصيل اليومية عن تصرفات تاليا… ثم انه مشجعي الأول ويدفعني كثيراً للسير نحو الأمام، ولا يترك باباً يؤمن لي الراحة والانطلاق في العمل إلا ويفتحه أمامي. أنا أعتبر أن الله أنعم عليّ بوجوده الى جانبي.
■ من خلال مراجعة سيرتك الفنية، تبين لنا انك انتقلت من عالم الأزياء الى التمثيل، ومن ثم الى الغناء، وأنت اليوم تمارسين النشاطين الأخيرين. كما تبين لنا ان “الأول” يطغى بكثير على الثاني. والسؤال هو: أين الموقع المفضل لسيرين عبد النور… التمثيل ام الغناء؟
– في الدرجة الأولى، أنا ممثلة، ومسيرتي الفنية بدأت من خلال التمثيل… أما الغناء فيأتي بالمرتبة الثانية… لكن هذه التراتبية لا تعني “تفضيل” أي منهما على الآخر، فأنا مجتهدة في المجالين، ولا أنوي التخلي عن اي منهما، وإنما أسعى الى النجاح فيهما معاً.
■ لكن حضورك في الدراما التلفزيونية، وفي السينما، أقوى بكثير، ما فسره البعض على انه “بداية انسحاب من الغناء الاحترافي”. وان وجودك “الغنائي” ربما سيقتصر على السينما في حال تقديمك لدور يتطلب الغناء، وكما حدث في فيلم “رمضان مبروك ابو العلمين حمودة”؟
– أنا أعتبر أنه من الصعوبة بمكان، في هذا الزمن، وفي الواقع الفني الذي أعيشه، ان أجمع بين الأمرين بالتساوي، لأنهما يحتاجان الى جهد كبير، وأنا سأجد صعوبة كبيرة من أجل تحقيقه. لكن، وبرغم انشغالي بالتمثيل، لم أترك الغناء. فأنا أتحضر حالياً لطرح اغنتين، الأولى بعنوان “عادي”، كتبها ولحنها الفنان الصديق مروان خوري، وهذه مناسبة لأبارك له نجاحه في انتخابات نقابة الموسيقيين المحترفين وفوزه بمنصب النقيب، كما أدعو له بالنجاح في تأمين مصالح النقابة بكامل أفرادها ومن دون أن يؤثر عمله الجديد في عطائه الفني. أما الاغنية الثانية، فهي للشاعر ـ الملحن سليم عساف، وربما تبصر النور اوائل الصيف المقبل.
وتكشف عبد النور أن أغنية “عادي” ستصور بطريقة الفيديو كليب تحت ادارة المخرج جاد شويري، وسيكون عبارة عن “فيلم قصير” يتضمن بعض الخدع الجميلة.
■ انه التعاون الأول لك مع المخرج جاد شويري في مجال الفيديو كليب؟
– صحيح… هي المرة الأولى، وهو ارادني أن أركز في هذا الكليب على الجانب التمثيلي.
■ سيرين… لغط كبير في الوسط الفني والاعلامي حدث، على اثر قرار منتج فيلم “سوء تفاهم” بإلغاء العرض الخاص الذي كان مقرراً اقامته يوم الاربعاء الموافق 12/2/2015 في مصر، حيث تم الاكتفاء بـ”دعوة” لأهل الصحافة (فقط) في يوم لاحق لم يتم تحديده بعد. فما هي حقيقة الأمر؟ ولماذا ألغي الحفل الخاص؟ وهل صحيح أن “سوء تفاهم” حدث، ولم يرغب أي طرف انتاجي ـ فني الاعلان عنه؟
– على الاطلاق… كل ما في الأمر أن المنتج صادق الصباح، تحمّل مسؤولية اعلان الأمر، وذلك انطلاقاً من واجب انساني، هو الحداد على أرواح ضحايا مباراة كرة القدم التي أقيمت بإستاد “نادي الدفاع الجوي”… هذا بكل بساطة، وصدق، سبب التأجيل، ولا أعلم لماذا يحاول البعض “تشويه” هذا “التأجيل النبيل بأهدافه”.
■ ما جديد سيرين عبد النور الدرامي ـ السينمائي في المرحلة الراهنة؟
– في الحقيقة هناك جديد درامي تلفزيوني وآخر سينمائي… الأول باشرنا بتصويره منذ فترة، وهو مسلسل تلفزيوني بعنوان “24 قيراط”، مقرر عرضه في شهر رمضان 2015، ويشارك معي في لعب ادواره الرئيسية الممثل عابد فهد والزميلة ماغي بوغصن، اضافة الى عدد كبير من نجوم التمثيل من لبنان. أما الثاني، فهو عمل سينمائي، يدور في قالب من “الرومانسية الشقية” المغلفة بطرافة المواقف والحوارات، ويضم توليفة خاصة من ممثلين من مصر ولبنان.
■ مثل مَن؟
– من مصر، النجمان شريف سلامة وأحمد السعدني وسواهما.
■ وماذا عن بقية طاقم العمل؟
– السيناريو للكاتب محمد ناير، والاخراج لأحمد سمير فرح، والانتاج لبناني تتولاه شركتا “ايغل فيلمز” (المنتج جمال سنان) و”سيدرز آرت” (المنتجان صادق وعلي الصباح).
وتؤكد سيرين عبد النور ان للتجربة السينمائية الجديدة “رهبتها”، وأنها سعيدة بها، وأنها شهدت أجواء جميلة وودودة جداً خلال مراحل التصوير. كما تلفت ان دورها فيه، منحها فرصة احتفاظها باللهجة اللبنانية، الأمر الذي تراه تحدياً كبيراً، وانجازاً، في مخاطبة الجمهور المصري بغير لهجته التي اعتاد عليها منذ سنوات بعيدة جداً.
■ سيرين… هل تعتبرين ان اسمك بات كافياً لتحقيق نسب المشاهدة المرتفعة؟ بمعنى: هل أصبحت “نجمة شباك”؟
– مثل هذه التسميات ارفضها… وأرفض معها تعبير “الأعلى أجراً” و”الأكثر جماهيرية” و”الأكثر نجومية”، وكلها أوصاف يطلقها البعض على نجوم في التمثيل والغناء… أنا أرى ان الممثلين جميعهم موجودون، ولديهم الطموح، وأن الساحة قادرة على استيعاب كل ناجح وناجحة، خصوصاً وان العمل الفني المتكامل والجميل هو الذي يفرض نفسه، ويحقق نسب المشاهدة المرتفعة. ومثل هذه التعابير التي يرددها البعض، أراها “بدعة” دخيلة، ولم تكن موجودة في السينما ولا في عالم الغناء، رغم حضور كبار الممثلين والمطربين في زمن الفن الجميل.
■ سؤال أخير، وبعيد عن الفن واشكالاته: ماذا عن زيارتك وزوجك، لرئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع وزوجته النائب ستريدا في معراب، لا سيما وانك نشرت صوراً عن هذا اللقاء عبر وسائل التواصل الاجتماعي؟ حيث اعتبره الكثيرون موقفاً سياسياً؟
– بداية، أشير الى أن زوجي هو من منطقة “بشرّي”، مسقط رأس الدكتور جعجع. والزيارة كانت تلبية لدعوة، وقد كتبت موضحة على “تويتر”: شكراً على الدعوة دكتور سمير جعجع… تشرفنا… الله يحميكم ويحمي لبنان… وبدوره، رد الدكتور جعجع “مغرداً” ومعبراً عن سعادته بالزيارة: “دائماً، من دواعي سروري أن ألتقي بكم”.
■ لكن البعض فسّر الزيارة على أنها موقفاً سياسياً مؤيداً لطرف ضد آخر؟
– “فهمي” للسياسة يختلف كثيراً عن “فهم” الآخرين لها، ولو قدر لي أن أقود اليوم تظاهرة في الشارع، لما ترددت، إذا كان الهدف منها الحث على انتخاب رئيس للبلاد. أو لدعم حق المرأة بمنح الجنسية لأطفالها. أو لمساندة الجيش اللبناني البطل في كل مواقفه التي تحمينا كشعب وكوطن. السياسة، في مفهومي، هي لتحقيق لبنان السيد، الحر، والمستقل… لبنان الذي يؤمن المساواة في الحقوق والواجبات لكل أبنائه، وعلى مختلف الصعد الوطنية والسياسية والاجتماعية. لبنان الذي يأمن فيه اللبنانيون لمستقبل أبنائهم، ومن يرفع هذه العناوين، ويعمل على تحقيقها، أرفع رايته من دون خوف أو خجل.