فاجأنا فخامة الرئيس بقوله “إن مقاييس الإستراتيجية الدفاعية قد تغيّرت، بسبب تغيّر ظروف وأوضاع المنطقة عسكرياً وأمنياً وسياسياً”.
إذاً هي ليست استراتيجية. إنما “مزاجية دفاعية”. فالإستراتيجيا تعني الإلتزام بالخطة. أما المزاجية فهي التي تتغيّر بتغيّر المواقف.
وقياساً على المقاييس الرئاسية المتبدلة، تكون استراتيجية لبنان الدفاعية ملحقة باستراتيجيات متعددة الجنسيات.
وبالعودة إلى زمن “القسم الرئاسي”، الذي تعهدت إحدى فقراته، بإجراء حوار يؤدي إلى إقرار استراتيجية دفاعية، فإن الأوضاع والظروف في المنطقة لم تتغيّر طيلة السنوات الثلاث، التي تلت القسم.
المتغيّر الوحيد الطارئ، يتمثل بفرض عقوبات أميركية متصاعدة على إيران.
هذا يعني أن المحنة الإيرانية هي سبب المتغيّرات التي حررت الرئيس من قسمه.
ومع ذلك، سنعتبر أن لا رابط بين تصريح فخامته، وبين خطاب سماحته. فالأمر ليس أكثر من صدفة زمنية، لا تتجاوز أياماً معدودات، فصلت بين التلويح بالتراجع الرئاسي عن “الإستراتيجية الدفاعية”، وبين إقدام السيد حسن نصرالله على الإلتزام، ومن ثم، إلزام لبنان باستراتيجية إيران الدفاعية.
قالها السيد متوعداً وواعداً بأن أي إعتداء أميركي على إيران، سيشعل المنطقة بكاملها.
طبعاً، ورغم بعد المسافة، فإن لبنان جزء من المنطقة، التي يعد صاحب الوعد الصادق بإشعالها.
واحتراماً للمقامات، نشير إلى أن ما ورد غامضاً في التصريح، وواضحاً في الخطاب، ليس أكثر من توارد خواطر بريئة.
لكن المشترك بينهما يؤكد على جدية المتغيّرات، التي فجأة قذفت باستراتيجيتنا الدفاعية إلى مصارعة الأمواج الهائجة في مضيق هرمز.
إذاً، وبسبب ما استجدّ من ظروف وأوضاع في المنطقة، لا بد من توسيع مهمات دفاعاتنا الإستراتيجية، بحيث نضيف إلى مواجهتنا للعدو الإسرائيلي، مواجهة أشد وأعنف للعدو الأميركي، الذي بعثه إلى منطقتنا ترامب الموصوف إيرانياً بـ”الشيطان الأكبر”.
وعلى ضوء تطور الصراع ما بين أميركا وإيران، لا مفر من الإبقاء على قائمة أعداء لبنان مفتوحة. فثمة إحتمال كبير بضم السعودي والإماراتي إليها، في حال انحيازهما المرجح إلى صفوف العدو الأميركي.
في النتيجة، تم كشف المستور. وتبين أن لبنانية الإستراتيجية الدفاعية… كلام بكلام. فحكاية “إبريق الزيت” أحبطت آمال اللبنانيين بإيجاد صيغة تجعل سلاح المقاومة خاضعاً، ولو بالشراكة، لإمرة الدولة.
فحكاية “إبريق الزيت” ليست إلا ظاهرة صوتية، تظهر فقط في أحلام فريق الرابع عشر من آذار. في حين أن سلاح حزب الله لا يحلم. إنه صاحٍ في سوريا واليمن والعراق. وصواريخه الإيرانية الدقيقة ستبقى القرش الإيراني الأبيض، إذا ما حان، أميركياً، يومها الأسود.
في حالتنا اللبنانية المهترئة، لا مخرج لنا إلا أن يسأل المؤمنون بلبنان الله حماية إيران، إذا أرادوا أن يشملهم الله بحمايته.
ومع ذلك، ما زال رجال العهد القوي يرددون بقوة: لبنان أولاً.
ترى هل يرددون ذلك لخطأ في الحسابات السياسية، أم لجهل في وجود ثانياً وثالثاً في حساب الأرقام؟.
الله أعلم… وجبران باسيل يعلم أيضاً… لكنه لا يعترف.
وليد الحسيني