أثبت الجنرال ميشال عون شعبيته حاشداً الحد الأقصى من مؤيديه.
وقبله، في ذكرى تغييب الإمام موسى الصدر، حشد الرئيس نبيه بري جمهوره في النبطية.
لا ندري أي الحشدين كان أكثر عدداً.
لكننا ندري أن الرئيس سعد الحريري أيضاً له حشوده الكبيرة. وأن الحكيم سمير جعجع هو أيضاً وأيضاً من كبار الحاشدين. وأن زعيم الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط كذلك. وأن السيد حسن نصرالله قد يكون أكثر من ذلك.
إذاً، الشارع ليس ميزة محتكرة لأحد. فلكل زعيم شارعه. وهذا يعني أن اللعب في الشارع، هو “لعبة شوارعية”، إذا كان الغرض من لعبها الاستعراض والاستفزاز ورفع الشعارات التي لا شرعية لها.
ووفق لازمة جنبلاط نسأل عون: ماذا بعد؟
لا بعد ولا بعدين. فتظاهرة “التباهي” ستنتهي، بل هي انتهت فعلاً، إلى مجرد مادة أرشيفية للتلفزيون البرتقالي يستعملها في برامجه السياسية، في محاولة لتذكير الناس بما لا يهمهم ولا يعنيهم.
يا “فخامة” الجنرال، اللبناني يعرف جيداً أن كل المطالب التي رُفِعت أنت المسؤول عن عدم تنفيذها.
يبدو أن لا بد من تكرار سردها … فالتكرار، كما يقولون، يعلّم الذين يصعب أن يتعلمّوا.
تطالب بالانتخابات النيابية، وقد عارضت التمديد، لكنك في الوقت نفسه ترفض إجراء الانتخابات وفق القانون الساري. وتقبل الاستمرار في مجلس نيابي تزعم أنه غير شرعي.
إذاً، أي شرعية هذه التي تطالب بها؟ وأي انتخابات هذه التي تصرّ عليها؟ وأي دولة مؤسسات هذه التي تحترمها، إذا كنت لا تلتزم بقوانينها؟
معك يدوخ اللبناني بين ما هو مطلوب وما هو مرفوض. فمطالبك يا “فخامة” الجنرال تحمل الشيء ونقيضه.
ومن مطالبك التي لا تغيب عن تصريحاتك، انتخاب رئيس للجمهورية. وكأنك أنت وحلفاءك في صدارة النازلين إلى مجلس النواب لتحقيق النصاب، الذي ابتكره الرئيس بري خلافاً للدستور. وكأن نواب 14 آذار هم الذين يقاطعون فيعطّلون النصاب ويحرمون بعبدا من رجلها المنتظر. وكأنهم هم من يقذفون بالرئيس إلى عالم الغيب الإيراني!!
ومن مطالبك أيضاً المرتفعة الصوت إلى حد الصراخ، محاربة الفساد. وكأن المليار والمئتي مليون دولار التي خصصها صهرك الوزير جبران باسيل، قد حقّقت معجزة الـ 24 على 24. وكأنها لم تتبخّر في طنجرة طبخ البحص، لتنقل اللبناني من تقنين الثلاث ساعات إلى تقنين 12 على 24؟
أخيراً يا “فخامة” الجنرال … نرجوك أن تساعدنا على أن نفهمك. ونرجو أن تخبرنا متى تكون مسيحياً فقط، ومتى تكون علمانياً، وكيف تكون مدنياً وجنرالاً في آن.
نرجوك … فلا تخيّب رجاءنا.
سامر الحسيني