عبد الرحمن سلام:
تعيش الممثلة السورية سوزان نجم الدين في المرحلة الراهنة من حياتها الفنية والانسانية، أجمل ايامها. كيف لا وقد تم تتويجها في بداية شهر نيسان (ابريل) الماضي، “سفيرة الحب والسلام” في المهرجان العربي “المحبة والسلام” الذي أقيم في القاهرة، بحضور شخصيات رسمية وفنية واجتماعية تمثل 22 دولة عربية.
وبعد أقل من ثلاثة اسابيع على التكريم المذكور، كانت سوزان تلبّي دعوة وزارة الثقافة والاعلام العراقية، لتكون “ضيفة الشرف” المكرّمة في “مهرجان بابل الثقافي”.
وقبيل التكريمين، تلقت النجمة السورية لقب “النجمة الأكثر أناقة” في مهرجان “جوردان اووردز” الذي اقيم في العاصمة الأردنية عمان، بعد منافسة شديدة مع عشرات النجمات العربيات، اضافة الى فوزها بلقب “نجمة شاشة رمضان ـ 2014″، وفقاً لاستطلاع جماهيري اجرته اذاعة الرياضة والشباب المصرية، وذلك عن دورها في مسلسل “مذكرات سيئة السمعة”، وبعد تكريمها في “مهرجان الفن الذهبي” في دورته الخامسة الذي اقيم في العاصمة الجزائرية.
■ من أين جاءت سوزان نجم الدين الى عالم التمثيل وهي التي لم تدخل أي معهد للتمثيل؟
– الخطوة الأولى على طريق الفن خطوتها منذ كنت طالبة جامعية، حيث التحقت بفرقة “زنوبيا للفنون الشعبية” وبقيت معها لأكثر من عام، وكنا نقدم عروضنا على “مسرح الحمراء” في دمشق.
■ والانتقال من “الفنون الشعبية” الى العمل الدرامي التلفزيوني كيف تم؟ ومن كان مكتشفك الأول؟
– عملي كمهندسة بالتلفزيون مهدّ أمامي الطريق لدخول العمل التمثيلي، حيث رشحني المخرج نجدت أنزور لمسلسل “نهاية رجل شجاع”. هذا الدور لفت الانتباه الى موهبتي بشدة، وتوالت من بعده علي بقية الأدوار.
■ لكن المعلومات الأرشيفية تؤكد أن بدايتك جاءت عبر دور لك في مسلسل “الدخيلة”، وأنك كنت يومذاك تتابعين دراستك الجامعية؟
– دوري في “الدخيلة” قدمني للمرة الأولى كممثلة، ومن خلاله شاركت الزميلين الكبيرين جهاد سعد ورضوان العقيل، ولا شك في أن مشاركتي هذه كانت الأولى، لكن مسلسل “نهاية رجل شجاع” هو الذي أضاء بشدة على موهبتي وثبت أقدامي، وبسببه، توالت عليّ العروض، ومنها على سبيل المثال: “الكواسر ـ الثريا ـ خان الحرير ـ حنين ـ صلاح الدين الأيوبي ـ أمهات ـ الظاهر بيبرس ـ ملوك الطوائف ـ عمر ـ طيور الشك ـ مذكرات سيئة السمعة” وسواها، اضافة بالطبع الى خماسيتين حققتا نجاحاً مميزاً: “حب محرم ـ صرخة روح” من دون أن أنسى بالتأكيد دوري اللافت في “جبران خليل جبران” أمام الكبيرين غسان مسعود وجهاد سعد، ومن اخراج كبير المخرجين فردوس الأتاسي.
■ وهل مشاركاتك اقتصرت على المسلسلات الدرامية الاجتماعية والتاريخية؟
– بالطبع لا. فأنا أعلم تماماً أن على الفنان الطامح للاستمرار، التنويع في الأدوار والشخصيات، وأنا بطبعي أهوى التنقل بين مختلف أنواع الدراما، وأسعى الى التنويع في اختيار الشخصيات والأدوار والمواضيع، ولذا، تجدني حاضرة في المسلسل الكوميدي، كما في مسلسل “روح الست” و”فرصة عمر”. وفي “البوليسي”، كما في مسلسل “الهاربة” من اخراج زهير أحمد قنوع. وأيضاً، في السينما الغنائية، كما في فيلم “أرض المحبة”.
■ سوزان. ما هي حقيقة نقل الاقامة من سوريا الى مصر بشكل دائم؟ خصوصاً وأن مروجي الخبر ربطوا الأمر بالأوضاع الجارية في سوريا، ومشيرين الى مصاعب في الانتقال عندما يستدعي الأمر السفر؟
– بداية أؤكد أن موضوع الاقامة في القاهرة لا علاقة له على الاطلاق بأي أحداث ذات صلة ببلدي سوريا. فأنا، مثلي مثل الملايين من أبناء وطني، أعيش بأمان وطمأنينة، والسفر والتنقل متاح في كل لحظة. لكن الذي حدث، هو أنني كنت أتواجد، في ما مضى، بالقاهرة، عندما يكون لي عمل أشارك فيه، لكن الحال تبدّل اليوم، وأصبح عندي الكثير من الأعمال السينمائية والتلفزيونية تستدعي وجودي بشكل كبير في القاهرة، فكان لا بد بالتالي من قرار الاقامة شبه المستمرة في مصر، وهذه الاقامة أتاحت لي المشاركة في كثير من الأعمال، مثل مسلسل “كش ملك” الذي أنهيت تصويره منذ فترة، وفيه أجسد البطولة النسائية أمام الفنان مجدي كامل، وهو من تأليف “شركة صوت القاهرة” ومن اخراج حسام عبد الرحمن، وفيه ألعب دور “نهال” مذيعة التلفزيون التي تكشف الكثير من فضائح الفساد، تورط فيها رجال نفوذ وأعمال فاسدين.
وتضيف: لكن اقامتي في القاهرة لن تمنعني من تقديم الدراما السورية، بدليل مشاركتي في مسلسل “امرأة من رماد” الذي يرصد الانعكاسات النفسية والمادية والاجتماعية للناس في سوريا، في ظل الحرب الدائرة على ارضها منذ سنوات، والمسلسل من تأليف جورج عربجي ومن اخراج نجدت أنزور، وأنا سأكون في دمشق خلال ساعات من أجل استكمال بعض مشاهد المسلسل المذكور.
■ لكنك اعتذرت عن مسلسل “طوق البنات” حيث كان من المفترض أن تلعبي بطولة الجزئين الثاني والثالث، وان تؤدي شخصية “لمعات”، في أول مشاركة لك في “دراما البيئة الشامية”؟
– الدافع للاعتذار كان ضيق الوقت، وارتباطي بأكثر من عمل في القاهرة، على عكس كل الشائعات التي انطلقت ضدي، وسعت لالحاق الأذية بسمعتي الوطنية كونها ذكرت انني لن أشارك بأي عمل يصور في بلدي؟ هذه شائعة كاذبة من صنع خيال مؤلفيها ولا تمت للحقيقة بأي صلة، بدليل لعبي لبطولة الفيلم السينمائي السوري “حب في الحرب” تحت ادارة المخرج عبد اللطيف عبد الحميد والذي صور بالكامل في سوريا.
■ تابع الكثيرون عبر صفحتك على “الفيس بوك” اعتذارك النهائي عن المشاركة في مسلسل “علاقات خاصة” من اخراج رشا شربتجي. وربما هذه الاعتذارات أوحت لمروجي الشائعات “كذبة” رفضك العمل في الدراما السورية؟
– وهل المطلوب من الفنان أن يشارك في كل الأعمال التي تعرض عليه؟ فربما يكون عامل الوقت مانعاً. أو الانشغال؟ أو أن يكون العمل غير مناسب له… أو… أو… فهناك عشرات الاسباب التي قد تمنع الفنان من قبول عمل ما من دون أن يكون من بينها الخلاف الشخصي.
■ الأمر المستغرب أن حملة “الشائعات” التي حاولت النيل منك، تعدت الأمور المهنية ـ الفنية، الى “العائلي ـ الشخصي”، فقد تحدثت عن انفصال عائلي ورحيل الزوج مع الأولاد الى اميركا؟
– صحيح… هذه “الاكذوبة” راجت بالفعل، وهي أتت ضمن حملة مغرضة حاولت في مجملها النيل من مواقفي السياسية والوطنية تجاه بلدي الحبيب سوريا، خصوصاً وأنها أرجعت أسباب الطلاق الى خلافات في الآراء السياسية تجاه الأوضاع التي تمر بها سوريا، بيني وبين زوجي، كما حاولت النيل بشراسة من عائلتي في محاولة لزرع الانقسام بين أفرادها. وعبر “الكفاح العربي”، وهذا الحوار، أقول ان بلدي وعائلتي يشكلان “خطاً أحمر”، أرفض بقوة المساس بهما… أما دفاعاً عن خصوصيتي، فقد أصدرت بياناً صحفياً عبر مكتبي الاعلامي، كشفت فيه كل الحقائق والوقائع.
■ وماذا جاء في البيان الصحفي؟
– أكدت فيه انني وزوجي على وفاق تام من كل النواحي الزوجية والأسرية والسياسية، وأننا نعيش بوفاق ووئام وسلام كأسرة مترابطة، يكللها الصدق والاحترام والثقة والحب.
■ وماذا عن سفر الزوج ـ رجل الأعمال سراج الأتاسي مع الأولاد الى اميركا؟
– هذا السفر جاء نتيجة قرار سبق واتخذناه معاً، منذ أشهر، بسبب ارتباط سراج بأعمال ومشاريع تستوجب وجوده لبعض الوقت في اميركا، وهو قرار لا علاقة له ابداً بظروف بلدنا سوريا، وبالتالي من الطبيعي أن يوجد الأولاد معه، وكان من المفترض أن أكون معهم لولا ارتباطاتي وتعاقداتي الفنية بين مصر وسوريا والخليج، هذا مع العلم، اننا، كأسرة، نقيم منذ سنوات، ما بين سوريا وولاية فلوريدا الأميركية حيث نمضي معظم أشهر السنة.
■ تابعك جمهور التلفزيون في رمضان (2013) في عملين مميزين: “باب الخلق” مع محمود عبد العزيز، و”عمر” الذي تناول سيرة الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز. في رأيك، اي العملين اضاف لرصيدك، لا سيما وان عروض شهر رمضان تعتبر مكسباً لأي فنان؟
– لا شك في أن العملين أضافا الكثير لرصيدي ولمسيرتي، حيث كان لكل منهما طعمه ومذاقه واحساسه ودوره الدرامي. في “باب الخلق” قدمت شخصية “يسرية هانم” المؤثرة بشدة ضمن الأحداث، برغم محدودية الدور الزمنية، على المستوى الشخصي، وقد استمتعت بالعمل مع النجم الكبير محمود عبد العزيز. أما في مسلسل “عمر”، فقدمت شخصية الملكة الفارسية “بوران” التي تنازلت عن العرش والحكم، وأنا أرى أنني أرسلت، عبر هذا الدور، رسالة مهمة للحكام غير المؤهلين للمكان الذي يشغلونه، وضرورة التنحي عنه.
■ دورك في مسلسل “مذكرات سيئة السمعة” (العام 2010) منحك الرسوخ في ذاكرة المشاهدين والمخرجين والكتاب، وكان المتوقع أن تستغل سوزان نجم الدين الأمر، والاقدام على لعب ادوار كثيرة اخرى عرضت عليها، لكن ما حدث كان العكس حيث شهدنا لك غياباً غير متوقع.
– هذا صحيح. وأنا أعتبر أنني اتخذت القرار الصائب، بعد معرفة الجمهور المصري بي، وبعد حالة الحب التي أصبحت أجدها في مصر، حيث كان عليّ احترام المشاهد من خلال انتقاء الأدوار، فالقضية بالنسبة اليّ لم تكن بالعدد أو الكم الذي أقدمه، بقدر ما كانت بالنوعية، ولذا، اعتذرت عن الكثير من العروض، وإلى أن عثرت على سيناريو “كش ملك” الذي كتبه بحرفية عالية المؤلف رضا الوكيل.
■ رصيدك في الدراما العربية تجاوز الأربعين مسلسلاً (تقريباً). فهل تندمين على أي منها؟ وأي واحد يشعرك بالسعادة الكبيرة؟
– بصراحة أقول: لا يوجد عمل ندمت على المشاركة فيه، سواء في سوريا أو في مصر أو في أي انتاج عربي آخر. وأنا أرى أن كل أعمالي شكلت لي محطات مهمة، سواء على الصعيد الفني او على الصعيد الشخصي.
■ أجمع النقاد على أن للممثلة سوزان نجم الدين مذاقاً خاصاً ومختلفاً في الدراما التاريخية. فهل تشاركين هؤلاء هذا الرأي؟
– اعتقد ان الأمر هذا يعود للنشأة والدراسة وعشق التاريخ، ورؤيتي الشخصية هي أنه يمكن الاسقاط من خلال الشخصيات التاريخية على العصر الحديث الذي نعيشه. على المستوى الشخصي، استمتعت بكل الشخصيات التاريخية التي قدمتها، ابتداء من شخصية “الجارية” في مسلسل “ابو زيد الهلالي” مروراً بشخصية “عصمت الدين خاتون” في صلاح الدين الأيوبي، و”ولادة بنت المستكفي” في مسلسل “ملوك الطوائف” و”شجرة الدر” في مسلسل “الظاهر بيبرس” ووصولاً الى شخصية “ليلى بنت المنهال” في مسلسل “خالد بن الوليد”.
■ كلمة أخيرة تودين توجيهها لمن؟
– للمشككين بوطنيتي. ولمطلقي الشائعات بحقي وبحق اسرتي… لهؤلاء أقول: سامحكم الله.