فخامة النسيان

الشريط المسرب عمداً من قصر بعبدا، لن يسقط بمرور الزمن، ولا يمكن رميه في سلة النفايات بنفي لا ينفي.
هو إثبات أقوى من أي تقرير، يرفعه، أنزه الأطباء وأمهرهم، إلى المجلس النيابي، يؤكدون فيه أن الرئيس مصاب بمرض النسيان الحاد.
أجزم أن كل دساتير العالم تعفي “فخامة النسيان” من مهامه.
وبما أن ذلك لم يحصل، ولن يحصل، في بلاد الخط الأحمر، فمن المناسب تذكير من لا يتذكر، بقول العرب:
إن كنت كذوباً فكن ذكورا.
فخامته ادعى بإصرار أن الرئيس المكلف لم يسلمه تشكيلة حكومية كاملة. وتمادى، في دردشة مع الرئيس حسان دياب واصفاً سعد الحريري بالكذاب.
كل ذلك تم وسط صمت الرئيس دياب، الذي على ما يبدو، اعتبر كلام الجنرال من عسل، ولا يمس كرامة الرئاسة الثالثة، رغم أنه صار من روادها.
لا شك أن سيد القصر قد أخطأ في تحديد سبب كذب الحريري. فواقعة استلامه التشكيلة، بالأسماء والحقائب، موثقة بالصوت والصورة، وباعتراف الرئاسة نفسها.
نعم الحريري كذاب… فقد كذب، عندما فرض عليه تهذيبه إحترام رغبة الرئيس ومقام الرئاسة وسن شاغلها، فاستجاب لطلبه، خارجاً إلى الصحافة مشيداً بإيجابية اللقاء مع فخامته.
من الواضح أن الجنرال عون أراد من الشيخ سعد أن يكسر له التشاؤم، الذي يحاصر عهده القوي، فسايره بتلك الكذبة البيضاء، التي تلاشت بعد ساعات.
ومن الواضح أيضاً، أن لمستشاري فخامته رأياً مختلفاً… فليذهب التفاؤل، كما الشعب اللبناني، إلى الجحيم. وليضرب فخامته عصفوريْن بتصريح فتنوي واحد:
الحريري لم يقدم تشكيلة حكومية… الحريري كذاب.
وهذا ما كان.
رمى صاحب الفخامة بحجره، وقام بقلب الوقائع وتزوير الحقائق، مع العودة إلى لغته القديمة في القدح والذم.
إنها دعوة مكشوفة للعبة الفراغ، التي أثبتت فاعليتها في فرض الصهر المدلل، ذات يوم، وزيراً… وميشال عون رئيساً… ومن ثم، جبران باسيل نائباً بفرض قانون إنتخابي باسيلي بامتياز.
استراتيجية الفراغ، هي الوسيلة الوحيدة لمنع الحريري من تولي رئاسة الحكومة. حتى ولو طار البلد. فنجاح الحريري في إنقاذ لبنان، يعني فشلهم في فعل ذلك… وفي ذلك فضيحة مدوية للعهد، ومن هم فوقه، كحزب الله، ومن هم تحته من أحزاب الفُتات.
إن “جمهورية الفراغ” هي الحل.
فيها تُنتزع صلاحيات لا ينص عليها الدستور. وتجري رياح المصالح كما تشتهي سفن باسيل.
ومنها يصبح المؤتمر التأسيسي، كبديل للطائف، طريقاً لا مفر من سلوكه.
وبها تفقد بيروت لقب “ست الدنيا” لتتحول إلى جارية في مضاجع الحرس الثوري.
وباقتصادها تنهار قدرات لبنان الإقتصادية والمالية، مما قد يتيح لدولارات إيرانية قليلة، قدرات الهيمنة السياسية والإيديولوجية.
يبدو أن اللبنانيين ينزلقون باتجاهين:
الشعب ينزلق إلى ما تحت خط الفقر… والطبقة الحاكمة تنزلق إلى ما تحت خط الضمير الوطني.
وفي الإنزلاقين نسأل الله النجاة من عذابات “السنتين الباقيتين”.

وليد الحسيني

One thought on “فخامة النسيان

  1. El HARIRI is going to SAVE THE country?Why he did not do it the First time he WAS in? He RUINED the country , with the ZIONIST SPY SANIORA who STOLE the MILLIONS the same MIQATI , Jumblat, berri , bunch of Mafioso ruling the country, the biggest traitors in HISTORY Brokers the country and you BLAME the PRESIDENT and al SAyed ? You have NO SHAME

Leave a comment