كأطفال المدارس، أخذت حكومة دياب فرصة، لا يحظى بها سوى العاطل من العمل… والآتية أطول.
لكن فرص أطفالنا تحسب بالدقائق. يتوقفون بعدها عن اللهو ويغادرون الملعب فور قرع أجراس الجد.
أما فرصة حكومتنا، فقد تجاوزت الشهر، وما زالت تلهو في ملاعب الوطن. رغم أن أجراس الإنهيار تقرع بشدة، وقد أسمعت من به صمم.
كان كل الظن أنها لن تسمح بإضاعة الوقت. وأن توقيت الحلول ملك يديها.
… ومرت الأيام، والكوارث تتابع جولاتها الإقتصادية والمجتمعية. لا أحد يردها. لا أحد يحد من إجتياحاتها.
حيث تجولت لم تواجه متحدياً من حكومة “مواجهة التحديات”.
حكومة القرارات الصعبة مشغولة، ومنذ يومها الأول، في البحث عن مبرر مسبق لفشلها المحتوم.
وبخبرة خبرائها ومختصيها، إكتشفت الدواء الشافي من الداء المتفشي في طول البلاد وعرضها.
على ضوء هذا الإكتشاف الساحق الماحق للمصائب والنكبات، تكرر الحكومة، بلا ملل، أن كل ما يجري في لبنان اليوم هو من “إرث السابقين”، لا من “روث اللاحقين”، الذين أزكمت اللبنانيين روائح فسادهم وإفسادهم لعلاقات لبنان العربية والدولية.
هل يعلم عباقرة الإنجاز، أنهم لن ينجزوا شيئاً من خلال هذا الإكتشاف الذي يكشف جهل من يدعيه؟.
هل يعلم هؤلاء أن طلب المساعدة من دولة كأميركا غير مُجد، طالما أن من يشغّلهم يهتف بموتها. وأن الإستنجاد بالسعودية مجرد حماقة ما دام الذين يشغّلون المستنجدين يشهرون بها؟.
لقد تأكد، بما لا يقبل الشك، أن المطالبين بحكومة من المستقلين كانوا على حق. إذ أن بديلهم، كما هو حاصل، قد ترك لبنان وحيداً، يدور حول نفسه، وحوله تدور أزمات لا تجد من يداويها.
إن الإصرار على إتباع سياسة الإنكار، لا ينفي تبعية الحكومة لمن بمقاومته يقاوم كل الحلول. إذ لا يعقل أن يطلب متسول هبة من يد يدعو عليها، علناً، بالكسر.
ربما تفرض اللياقة على السعودية استقبال رئيس الوزراء حسان دياب.
واللياقة نفسها ستفرض عليها الإستماع إلى مطالبه. وأن تطلب منه وقتاً لدرسها. ومن الأعراف الدبملوماسية أن تبلغه حرصها على مساعدة لبنان الأخ الصغير المدلل.
لكن من غير اللائق أن يحوّل حسان دياب درس المطالب إلى مقرر ملكي. والحرص على المساعدة إلى قرار أميري.
وقبل أن يبيعنا تفاؤله المغشوش، يترتب عليه الإعتراف بأنه لن ينجح في بيع السعودية وداً يكذبه إنحيازه إلى إيران.
لا يحتاج السعوديون إلى قرائن وأدلة تفضح ولاء الحكومة المفضوح لحزب الله الذي يقاتلها في اليمن ويناوشها في البحرين والعراق وسوريا ولبنان.
نعود إلى الفرصة، التي تنعم بها الحكومة الآن. فالنوم ما أطال عمر الحكومات. لكنه حتماً يقصر في أعمارها. وبالذات في حالة انتفاضة لا تتعب، ومجاعة تهدد كل اللبنانيين، سواء أكانوا من المتيقظين في الساحات، أو من النائمين في بيتوهم.
رغم كل ما سبق من مآخذ وعيوب، نقر لحكومة العشرين أنها نظيفة الكف. إلا أننا نسأل: ماذا تنفع نظافة الكف، إذا كان كف العجز سيصفع اللبنانيين بلا رحمة.
وعندما يحصل ذلك، وتستبيح المجاعة البلاد، فلن يدير لها اللبناني خده الأيسر… ويرد الصاع صاعين… وعندئذ لن ينقذ حكومة الإنقاذ، لا العهد القوي ولا سلاح الحزب الأقوى.
وليد الحسيني