قهوجيات: مقاهي المستقبل

أصبحت بعض التقاليد الغرائبية في أيامنا هذه، من هوايات وممارسات تأخذ شكل العاديات المألوفة، فبعد رواج مقاهي “عشَّاق القطط” في طوكيو، حيث يتناول الرواد القهوة والشاي والعصائر وهم يداعبون القطط بشعرها الناعم، ويبتسمون لها ويحضنونها، جاء دور مقاهي “عشَّاق الماعز”، حيث يجد الزبائن عنزتين أو أكثر للعب معها وأحياناً اصطحابها في نزهة عبر شوارع طوكيو القريبة والمزدحمة بالمارة!

ولقد أحضرت السيدة “كاواغوتشي” والعاملون معها في المقهى عنزتين اسم الأولى “كرز” والثانية “شوكولاته” قبل ثلاث سنوات على أمل جذب محبِّي هذا الصنف من الحيوانات ترويجاً لحركة المقهى خلال عطلات الأسبوع.

وقالت السيدة هذه إن مقاهي “عشَّاق الحيوان” ازدهرت منذ فترة، فهناك أماكن يمكنكم أن تلعبوا فيها مع القطط أو الكلاب، لكننا رأينا أن هذه الحيوانات الأليفة لن تثير الدهشة لدى الزبائن مثل الماعز!

وبعد نجاح مقهى “عشَّاق الماعز” تنوي السيدة وبناء على تخطيط مسبق إقامة مقهى لمحبيِّ “الفيلة”!!

أيها القارئ العزيز، لن نستغرب اليوم إذا ما انتشرت هذه الظاهرة بين ظهرانينا وفي بلدان عدة، وبدأنا نرى أنواعاً مختلفة من المقاهي كمقهى “عشَّاق الحمير”، ومقهى “عشاق القردة”! سيما وقد بدأ السعي الجاد إلى تحويل المقاهي العادية إلى مراتع للحيوانات، التي تتقاسم الجلسات الأنيسة وحتى الرومانسية منها مع الزبائن، متوَّجة بالعواء والنباح والمواء والنهيق المختلط بكركرة الأراكيل بكامل نكهاتها من مَعسَّل ومُدبَّس ومُطعَّم على الفواكه!

ولن نستغرب إذا ما أصبحت مقاهينا المستقبلية “ميني زو” أي حديقة حيوانات مصغَّرة، حيث تُضرب فيها المواعيد لعقد اللقاءات ومناقشة الأمور السياسية والمشاكل الاجتماعية بحضور الحيوانات وتحت سمعها وبصرها وربما مداخلاتها من حين لآخر بالصوت أو بالحركة!!

ولن تصيبنا الدهشة والذهول إذا مُنعنا من ارتياد هذه المقاهي من دون أن يكون بصحبتنا حمار أو كلب أو ثعلب…!

فبعد التجربة الفعلية العملية للسيدة “كاواغوتشي” التي بَذَلَت وتبذل قصارى جهدها في سبيل اعلاء شأن الحيوان والعمل على تأمين راحته ورفاهيته، ومحاولاتها الحثيثة على إشاعة الروح الحيوانية في المجتمع المعاصر علَّه يرعوي ويهدأ ويمتنع عن اتخاذ المبادارات والمشاريع والقرارات المدمِّرة على جميع الأصعدة!

ولقد تناقلت وكالات الأنباء خبراً عن كلبة حَصَلَت على لقب “سفيرة الكلاب للنوايا الحسنة”، بعد أن قَفَزَتْ أمام دراجة نارية مسرعة لانقاذ طفلتين، وخسرت جراء ذلك أنفها. ومن المؤكد أننا سنرى صورة تلك الكلبة وقد زيَّنت صدر مقهى “عشَّاق الكلاب”!!

د. غازي قهوجي

kahwaji.ghazi@yahoo.com

Leave a comment