منطق الأكاذيب

لم يتوقف زجّال سياسي، أو دجّال مذهبي، عن المزايدة في حبه للبنان.
… لكن حين حانت ساعة الإنهيار تبيّن أن لبنان هو ذلك الصبي الذي لا أمّ له.
الجميع ما زال يدّعي أنه الأم الحقيقية. وفي الوقت نفسه، لا يمانع في تقطيع الوطن الصغير حصصاً تتناتشها الطوائف، رغم أن هذا الوطن الهالك قد تحوّل إلى جثة، لا يجرؤ أحد على دفنها. مع أنهم مهرة في حفر القبور. وتاريخهم يزدحم بما حفروا… وبالذات للأخوة، الذين دغدغوا مشاعرهم بشعار “أوعى خيك”.
لا شك في أن غياب الضمير الوطني، يبرر غياب الضمير الدستوري… ولعل أخطر الغائبين ضمير المنطق. فبغيابه تستباح مسلمات كرستها الأعراف والأخلاق.
ومن الأمثال المفضوحة، إقدام “المثالي” الأول، أي فخامة الرئيس، على الصمت المطبق والمطلق، عندما طعنت خناجر العقوبات الأميركية ظهور المردة وحركة أمل، وقبلهما ظهر حزب الله.
غير أن الأمر مختلف جداً، عندما يغامر الأميركان، وبتآمر فاضح وانحراف فادح، بوصم جبران باسيل بالفساد.
هذا حدث لا يرد عليه بالعتب، بل بموجة غضب، تجتاح الرئيس نفسه، ووزارة خارجيته، احتجاجاً على القرار الأميركي المتهور والمتحامل على الصهر ووارث القصر، ورجل الطهارة والشرف والعفة والنزاهة والشفافية… وسواها من صفات تطلقها أكاذيب الممارسات السياسية.
نفهم جيداً أسباب ثورة الرئيس. فالإساءة إلى باسيل أساءت إلى سيادة لبنان، وهزت كرامة اللبنانيين.
أما علي حسن خليل ويوسف فنيانوس فلا يستحقان من قصر بعبدا، حتى إصدار بيان يدين العقوبات الأميركية…
فمن أنتما… وأين أنتما من السيادة والكرامة؟.
إن ضمير المنطق، الغائب دائماً وأبداً، عن تصرفات تكتل لبنان القوي، يتجلى بأن من لم يسم سعد الحريري، يُطالب الحريري بأن يسميه في حكومته.
ولا يتوقف المنطق الملتوي عند هذا، بل يتجاوزه إلى اغتصاب حق من سمى الحريري بدخول الحكومة. فالحقائب المسيحية يحتكر تسمية ممثليها فخامة الرئيس العلماني وغير الطائفي و”بي كل” اللبنانيين!.
ولا يقتصر تزوير المنطق على ما سبق، بل يتمادى ليندمج بأكاذيب تفضح نفسها. فالتيار الوطني الحر مصاب بإسهال التسهيلات. أما العقبات فيتم تصديرها بتعليمات إلى ممثل التيار الباسيلي في قصر بعبدا. وكأن اللبنانيين يتصفون بغباء يكفي لنفي العلاقة بين التيار وصاحب الفخامة!!.
هل هناك لبناني لم يرَ براءة الأطفال في عيني جبران باسيل؟… وهو البريء الذي لا يريد شيئاً، حتى وهو يطالب بكل شيء. إذ لا مسيحي خارج التيار. والمداورة يجب أن تشمل المالية والداخلية، أما الدفاع والعدل فهما ملكية للتيار عبر حصة الرئيس، التي ابتدعها اتفاق الدوحة، ونفاها دستور الطائف.
إننا أمام خليط من التناقضات العجيبة… وأعجبها أن الرئيس المتمسك بالجلوس على كرسي الرئاسة من أنصار “قم” ومرشدها… لكنه لا ولن يقوم.

وليد الحسيني

Leave a comment