أنسي الحاج: الشاعر الذي أعلن الحداثة

كتبت غادة علي كلش:

لم يقترن اسم الشاعر أنسي الحاج بالشعر التمردي، وبالشعر الوجودي، أو الغزلي فحسب. بل اقترن اسمه أيضا في انتهاج قصيدة النثر، إقتران الصيت بالإستهلال الحر للقصيدة العربية الموزونة، عبر تدوير لحداثة الغرب. بحيث أن هذا التدوير، لم يكن تقليدا أو محاكاة عادية  للحداثة الغربية، بقدرما كان استقلالا وتمردا خاصا  بأنسي،على مختلف المفاهيم و المقاييس والبنى الشعرية في عالم الشعر.

ولا تزال الساحة الثقافية في لبنان،منذ أواخر الخمسينيات، تستند الى تجربة أنسي في مجلة شعر التي أسسها مع الشاعرين المخضرمين يوسف الخال، وأدونيس.وكم كان لهذه المجلة دور في الإطاحة بقصيدة التفعيلة، وفي افتتاح عصر جديد للشعر الحديث.

أكمل أنسي الحاج مسيرته بعد توقف المجلة الشهيرة.وتابع تمرده عبر دواوينه التي كرست الصوت الشعري المنفلت من إيقاع القصيدة الكلاسيكية، ومن وقع المفردات المتآلفة، ومن مواقع الخيالات المألوفة. فأتى ديوانه الأول” لن” ليشكل بوابة الدخول الى قصر العزلة عن كل ما اعتبره شعراً رتيب الشكل، متكرر المعنى متشابه الصورة. مستحدثا فيه اطلاقات شكلية وكمونية لقصيدة النثر، تسع أفكاره الصارخة الرافضة. حيث كان  ذلك الشاعر” الرافضيّ”-ان صح وصفي له- حيث استمر في قصره المنعزل ينشد حواراته الفكرية بالشعر، دون أن يعني ذلك موافقتنا على طبيعة حواراته، خصوصا تلك التي تتعلق بجوهر الإيمان.

ولأنسي الحاج مسار آخر في الساحة الثقافية اللبنانية، وخصوصا الصحفية منها. حيث كرسته الساحة رجل صحافة من طراز رفيع، إذ كان رائدا في تعزيز الصفحات الأدبية، وخصوصا صفحة جريدة النهار” وقد أنشأ الملحق الثقافي الخاص بها،ناقلا بذلك دور الصحافة الأدبية من الخبر إلى النقد،ومن التغطية، الى الحوار، ومن الإضاءات المحلية، الى الإضاءات العالمية. مما أفسح المجال لبروز أسماء نقاد وشعراء وكتاب، عملوا على الإرتقاء بالصفحات الثقافية في الصحف والمجلات اللبنانية كافة.

إلى ذلك.تميزت مسيرة أنسي الحاج، بأعمال الترجمة المهمة على صعيد المسرح. إذ كان مترجما مهما لمسرحيات شكسبير،وايوجين يونيسكو،وألبير كامو،وبريخت. وقد اشتهر بترجمة كتاب أدولف هتلر” كفاحي”.

أنسي الحاج1937-2014 مسيرة عمر تخللها دواوين عدة منها ” الرأس المقطوع” ” ماضي الأيام الآتية”  “ماذا صنعت بالذهب ماذا فعلت بالوردة” و” خواتم”” والوليمة”. رحل في شهر شباط/فبراير/ تاركا ذكراه على عتبة الربيع.

Leave a comment