لا “خلوه” ولا “خلونا”

لولا مجموعة المآسي القاتلة، لضحكنا على ذقونهم، تماماً كما يضحك بعضهم على ذقون البعض الآخر.

فخامته ضحك على ذقن مجلس النواب، برسالة تبحث عن انتصار لـ “بي الهزائم”.

ومجلس النواب بادله النكتة بنكتة أسمج منها، فأصدر قراراً، باعه فيه سمكاً في البحر.

وبعيداً عن هذه الحفلة التنكرية، لم يذكر التاريخ النيابي أن “سيد قراره” يصدر القرارات.

يؤكد علم اليقين، أن المجلس النيابي يشرع ويسن القوانين. أما القرارات فيتخذها مجلس الوزراء، أو الوزراء، أو مجالس الإدارات في القطاعين العام والخاص.

ونسأل المحتفلين بقرار مجاملة الرئيس، سواء في القصر الجمهوري، أو على لسان فقهاء التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، الذين استعجلوا رفع رايات النصر، فور إصدار مجلس النواب قرار “رفع العتب” برفع السرية المصرفية، نسأل هل سينشر قرار الطبل والزمر في الجريدة الرسمية، ليصبح نافذاً.

طبعاً لا. فهو مجرد كلام يحاول تغطية خيبات العهد، الذي خيّب كل الآمال.

ومع هذا، فإن القضية المركزية ليست في المصرف المركزي.

إنها في الحكومة، التي بتشكيلها نضع حجر أساس إنقاذ لبنان. ومن دونها سينهار لبنان من أساسه.

وأغرب الغرائب اللبنانية، أن التسهيلات تنهال على سعد الحريري من كل الجهات الحزبية والنيابية.

نبدأ بحزب الله، الذي أغدق التسهيلات، وأعلن في كل المناسبات أنه لن يكون عقبة… إنما التدخل الأميركي هو الذي يفرض عليه وضع العقبات المستعصية.

ومثله حدثنا جبران باسيل مكرراً أنه لا يريد المشاركة في الحكومة، غير أنه يصر عند تشكيلها أن يحكمها بثلث معطل.

ومثلهما، وأكثر منهما، أعلن الرئيس عون أنه أكبر المسهلين وأكثرهم كرماً. لكنه هو من يجب أن يحتكر تسمية الوزراء المسيحيين… ولا شريك له.

رئيس كل لبنان يحشر نفسه في طائفته… ويحشر بالتالي التشكيلة الحكومية في غرفة مغلقة يطرد منها نصف المسيحيين على الأقل.

لو أن فخامته طالب بحصة وزارية تتمثل فيها كل المذاهب الرئيسية، لصدقنا أنه رئيس كل لبنان. غير أنه لم يفعل، مؤكداً أن الطائفة هي الحب الأول.

وسط كل هذه التسهيلات الكاذبة، من الطبيعي أن يعجز سعد الحريري عن التأليف.

ترى إلى متى يصبر الحريري على المتربصين به؟.

إذا كان يراهن على وعي الضمير الوطني، عليه أن يعلم أن ضمير البعض قد حقن بمنوم إيراني، لا تقوى على إيقاظه كل كوابيس اللبنانيين وكوارث لبنان.

على ضوء ما يجري يحق للشيخ سعد أن يستعير من العهد وصهره جملتهما الخالدة “ما خلونا”.

في حالته الراهنة تصح جملة “ما خلونا” في تعطيل ظهور الحكومة الجديدة.

ونظرية “ما خلونا” تنطبق كذلك علينا كلبنانيين.

فنحن أيضاً “ما خلونا” نحصل على فرصة عمل… و”ما خلونا” نتجرأ على دخول صيدلية لأننا لا نملك ثمن الدواء… و”ما خلونا” نقدر على تعليم أولادنا… و”ما خلونا” نستطيع شراء المأكل والمشرب… و”ما خلونا” نعيش بكرامة.

دولة الرئيس المكلف:

اِقلب الطاولة قبل أن يصبح لبنان جحيماً، تشتعل في أرجائه الحرائق الأمنية والإجتماعية والمعيشية.

اِفضح تسهيلاتهم المغشوشة.

إن انتظرت فإن الكوارث لا تنتظر.

اِكشف المستور… ولا تكن ورقة التوت التي تستر عوراتهم.

وليد الحسيني

Leave a comment