المكيال الأعور:رئيس بريء ورئيس مدان

أجمع اللبنانيون على تسمية مستشفى المجانين بـ “العصفورية”.
لكن بفضل أحزابهم وقياداتهم وطوائفهم، تحولت “العصفورية” من مستشفى إلى وطن.
لقد عمّ الجنون السلطات الثلاث: التنفيذية والتشريعية والقضائية.
لبنان اليوم بلا عقل ولا عقلاء.
لا نبالغ إذا اعتبرنا أن الجنون اللبناني تفوّق على الهلوسة، وبلغ حد الوهم بأن الأميركيين قد انتخبوا “جو بايدن” ليشكل لنا حكومتنا. ولينتشلنا من الإنهيار. وليرفع عنا وعن حزب الله العقوبات. وليفتح طريق الحقيقة أمام انفجار المرفأ، الذي دمّر بيروت. وليمنع التهريب. وليغلق المعابر غير الشرعية. وليرسم حدودنا البحرية.
وبما تبقى له من وقت، إذا أبقينا له وقتاً، يستطيع “بايدن” أن يهتم بمشاكل الولايات المتحدة المحلية والدولية.
إن كانت هذه الهلوسة حقيقية، فتلك مصيبة. أما إذا كانت ثرثرة سياسية لتبرير العجز، فالمصيبة أهون.
في الحالتين، يشكل انتظارنا لـ”بايدن” دليلاً قاطعاً بأننا مجانين فعلاً… وفعلاً أصبح لبنان “عصفورية” تتسع لحكامه ومحكوميه.
ولجنوننا مظاهر أكثر خطورة من إلتزام “بايدن” بشعار “لبنان أولاً”.
فجأة يتبين أن الدستور كتب بلغة لا يفك أسرارها إلا سليم جريصاتي.
وفي مفاجأة أخرى، نكتشف أن الاستشارات النيابية الملزمة، التي أجراها رئيس الجمهورية، تمنح فخامته أيضاً حق تشكيل الحكومة، واختيار الوزراء، وتوزيع الحقائب… وما على المكلف نيابياً سوى القبول بالبدعة الدستورية… أو “عمرها ما تكون حكومة”.
صحيح أن النواب لم يسموا ميشال عون لتشكيل الحكومة، بل سموا سعد الحريري، فالرئيس لا يحتاج إلى تكليفهم، طالما أن دستور الجريصاتي قد كفل له هذا الحق.
ولا يستثني الجنون المتمسكين بوحدة المكاييل. فهم أنفسهم يتمسكون بمكيال خاص بصاحب الفخامة. فأن يعلم فخامته بخطر تدمير بيروت، قبل قرابة الأسبوعين من الإنفجار الكبير، ولا يفعل شيئاً، فهو غير مسؤول. مع أنه الوحيد القادر على دعوة مجلس الدفاع الأعلى، الذي يضم قادة الأجهزة الأمنية والعسكرية والوزارية المختصة، وبالتالي، الطلب منهم بإزالة الخطر فوراً.
لو فعل، لما فعلت نترات الأمونيا ما فعلته ببيروت وأهلها.
إلا أن سياسة المكيال الواحد، ذهبت إلى رئيس الحكومة، الذي ادعى بحقه قاضي المجلس العدلي. مع العلم أنه أُعلم بالخطر في ذات يوم إعلام صاحب الفخامة.
يبدو أنهم استضعفوه فوصفوه. فحسان دياب لا مزبلة طائفية لديه، ليكون ديكاً عليها. وهذا يعني أنه لا يقوى على الصياح. خصوصاً وأن ألسنته المستعارة قد سحبت منه، وأصبح بلا حبال صوتية تشد من أزره.
ومن السلوكيات المجنونة أيضاً، إنشاء غرفة “الكيد القضائي”، برئاسة مدبر المكائد سليم جريصاتي، وعضوية مدعي عام القصر الجمهوري المحامي “البديع” وديع عقل، وبعض قاضيات القضاء على العدالة.
تبدأ هذه الغرفة السوداء، وخلافاً لسرية الإجراءات الجزائية، بالتشهير بمتهمين لم تثبت إدانتهم… ولا تنتهي بانتقائية للفاسدين البعيدين عن قلب جبران باسيل.
ومن العجائب القضائية التي قد تحدث في لبنان، إذا ما غضب الصهر الحاكم من السياسة الهندية، فلن نستبعد إقدام القاضية غادة عون على محاكمة “المهاتما غاندي”، أفقر فقراء الهند، بتهمة الإثراء غير المشروع.
ومن إثراء جبران باسيل غير المشروع وثرواته، وجود غادة عون. فبوجودها ضمن رعايا التيار الوطني الحر يسهل إيجاد التهم.

وليد الحسيني

Leave a comment