عقبات أكثر تسهيلات أقل

“التبعية” تهمة ينكرها حسان دياب.

الرئيس المكلف، والمكْلِف جداً، يصر على وصف نفسه بالمستقل، متجاهلاً أن من صعد به إلى المئذنة، يستطيع إنزاله منها. وأن “الطنجرة” تطبخ ما يضع فيها الطباخ.

وهو يعرف، حتى لو لم يعترف، أن دوره يقتصر على وضع أسئلة عن شكل الحكومة وتشكيلتها. وأما الأجوبة فهي عند بري ونصرالله وباسيل. فمن حق من إختار “دولة الرئيس” أن يختار “أصحاب المعالي”. مما يعني أن من يصنفهم دياب بالمستقلين، هم وزراء تنتفي “إستقلاليتهم” عند تأدية فروض الطاعة لمن فرضهم.

ليسمح لنا الدكتور المكلف، الآتي إلينا من المجهول والذاهب بنا إليه، بتحذيره من تكرار تجربة الصديق الراحل أمين الحافظ، الذي خرج عن شارعه، فسقطت حكومته سريعاً في الشارع.

ونحذره من أن “التسهيلات”، التي وعدوه بها، لا تلغي “العقبات”، التي يُعدّونها له.

نبدأ بالرئيس نبيه بري.

يصعب على “مخرج الأرانب” تسهيل تشكيل حكومة تترك أرانبه بلا جَزر. يأكل فيها جبران باسيل الجزر المسيحي بكامله، ويقضم من خلالها حزب الله جَزر السنة والدروز.

لن يتخلى “رجل الحلول” عن حلفائه. فهو لن يقبل باستفزاز فرنجية وجنبلاط. ولن يسمح باستعداء حليفه اللدود سعد الحريري، الذي لا يكاد يبتعد حتى يعود.

أما حزب الله، فلن يتهاون بتأكيد شرعيته اللبنانية للأميركيين، عبر إصراره على توزير من يمثله، ولو بنصير كالدكتور جبق، الذي هو حكماً وحتماً أكثر التزاماً بتعليمات الحزب من قياداته. كما أنه لن يفوت إمتناع الحريري وجنبلاط، عن تسمية الوزراء السنة والدروز، باقتناصه فرصة توزير أنصاره في الطائفتين.

أما جبران باسيل، ولأن “علمانيته” منتحلة، فلن يتراجع عن المطالبة بالحقائب المسيحية جميعها.

كل هذه التسهيلات المشروطة، تبشر فعلاً بولادة حكومة “مستقلين”… عن الرئيس المكلف.

تسهيلات ما سبق، تؤكد أن السلطة الكلاسيكية، ما زالت تمارس الأكاذيب على ثوار الحداثة.

أكاذيب بالجملة، لا تحتاج إلى ما يكذبها.

يقولون أن سعد الحريري إعتذر عن تولي رئاسة الحكومة، بعد أن تُرك وحيداً. فأميركا ضده. والسعودية لا تريده. وفرنسا سحبت ثقتها به.

لو صدقوا، يترتب علينا أن نصدق بأن ترامب وماكرون والملك سلمان قد إنضموا إلى محور الممانعة… وأن حسان دياب رجلهم المفضل والأفضل من كل الرجال.

وبالإنتقال إلى كذبة اللعب بنار الفتنة، يروّجون أن سعد الحريري، الوسطي والمعتدل، يستعد لنزال فتنوي في الشارع.

فجأة تحول زعيم التسوية إلى هتلر لبنان.

ها هو يحقن حزبه بأفكار “النازية السنية”. استعداداً لخوض “الحرب الأهلية الثانية”.

من يقف وراء وصف الحريري برجل المواجهة الدموية، هو نفسه من وقف وراء إتهامه بالاستسلام لحزب الله، حفاظاً على أمنه وسلامته!.

أمام ما يقولون لنا، نقول لهم:

إن كنت كذوباً فكن ذكوراً.

إذا تناسوا، فلن ينسى اللبنانيون أن الحريري أقدم على تسوية لإنقاذ لبنان، رغم أنف طائفته وجمهوره.

أما وقد إنحرف القناصون بـ “التسوية”، وحولوا لبنان إلى دولة ديكتاتورية، تنضم إلى سلسلة ديكتاتوريات دول الممانعة، فهنا فقط، وفقط هنا، يمكن إتهام الحريري بأنه الرجل الذي أدخل الدب إلى كروم لبنان.

وهذا شرف كان يدعيه… وهي الآن تهمة شنعاء لا ينكرها.

وليد الحسيني

Leave a comment