من ينقذ لبنان؟.
الثوار؟… وطرقهم مليئة بالعوائق الدستورية، وبالحواجز النيابية، وبمتاريس المناصفة الطائفية.
المعارضون؟… وقد تحولوا إلى معارضات.
أصبحوا تيارات شتى، وكانوا، في ذات آذار، تياراً واحداً.
اليوم، لا يكاد يقترب أحدهم من الآخر، حتى يبتعد عنه.
بخلافاتهم المتتالية ينعم الموالون بحكم البلاد والتحكّم بالعباد.
فإلامَ الخُلفُ بينهم إلاما… وهذه الضجة الكبرى علاما؟.
ما سر العداوة بين بيت الوسط والمختارة ومعراب؟.
لماذا تظهر فجأة… وفجأة تختفي لتظهر من جديد؟.
ترى، هل وليد جنبلاط هو من اغتال رفيق الحريري؟… أم سعد الحريري هو من اغتال كمال جنبلاط؟.
وهل “البيك والشيخ” هما من دفع الجنرال عون إلى إعلان حرب إلغاء القوات اللبنانية في ثمانينات القرن الماضي، أم أن “الحكيم” هو من دفع “القمصان السود“ إلى احتلال بيروت وبعض الجبل في أيار 2008؟.
يفترض بالمعارضين أنهم فريق لا فرق.
في المقابل، يفترض بالموالين أنهم فرق لا فريق.
وفق ما نسمع، فإن المعارضة تجمعها شعارات الحرية والسيادة والاستقلال… وتفرقها الثقة المفقودة والأمزجة المتبدلة.
ووفق ما نرى، فإن الموالاة تجمعها التبعية لإيران. وبتعليمات “عاصمة الممانعة” لا فرقة ولا فراق، مهما كبرت الخلافات وتناقضت المصالح.
وسط هذه الحالة السياسية المتردية، والغائبة عن الوعي، يعلم اللبنانيون، علم اليقين، أن العواصف التي تعصف بهم عاتية. وأن الكوارث الآتية إليهم… آتية لا محالة.
الوطن اليوم بلا أبواب. ومفتوح على كل الأخطار، ومن كل الجهات.
المجاعة لم تعد احتمالاً. ها هي تتصاعد من تحت إلى فوق.
واحتمال توريط لبنان بالثأر لمقتل قاسم سليماني لا شك بأنه يدور في رأس سيد المقاومة. ومردوده، إذا حصل، الكثير من الدمار والتهجير.
وما بين الثأر المحلي من سعد الحريري باستعمال حسان دياب، والثأر الإيراني، لاغتيال قائد فيلق القدس، بتحريك صواريخ حزب الله، قد يتحول لبنان، لا سمح الله، إلى “مجمع كوارث“.
لقد عودتنا إيران، منذ أن تجرعت سم صدام حسين، أن تخوض حروبها بالغير، وعلى أرض الغير.
وعملاً بمبدأ شن الحروب عن بعد، لجأ الإيرانيون إلى “التجنيد المذهبي“. وقالوا لجنودهم المذهبيين: إذهبوا وقاتلوا إنّا ها هنا قاعدون.
وهذا ما كان. وها هي إيران تقاتل أميركا من العراق بالعراقيين. ومن اليمن باليمنيين. ومن سوريا بالسوريين. ومن لبنان باللبنانيين.
إذاً، الأرض العربية ملعبها. والعرب لعبتها.
يبقى ثمة أمل.
إيران حريصة على أن تنأى بنفسها عن الغارات الجوية والصواريخ الباليستية. ولهذا لن تسعى في إنتقامها“السليماني” إلى استهداف اسرائيل.
فهي في حساباتها الدقيقة، تعلم أن صواريخ ترامب لن تصل إليها لأسباب انتخابية. وهي تعلم جيداً أن صواريخ نتنياهو ستضرب في إيران ولأسباب انتخابية أيضاً. على إعتبار أن الحرب تأخذ في أميركا من شعبية الرئيس الطامح إلى تجديد رئاسته. في حين أن الحرب في فلسطين المحتلة تعطي نتنياهو شعبية، تنقذه من سجن ينتظر سقوط حصانته النيابية.
من خلال الواقعية الإيرانية، يدرك السيد خامنئي أن ضرب المصالح الأميركية في المنطقة، لن يجر أميركا لضرب إيران. بينما ضرب تل ابيب سيدفع باسرائيل إلى ضرب طهران… لو حصل هذا فإن بيروت ستضيع بين أرجل فرسان الصواريخ المفترسة.
لكن، ماذا لو تمسك مسؤولو الممانعة بالحماقة من طرفيها المحلي والخارجي؟. عندئذ ليس أمام لبنان غير انتظار مفاجآت رجل المعجزات حسان دياب، الآتي من عجائب جبران باسيل وغرائب حزب الله… وأرانب نبيه بري.
وليد الحسيني